Sunday, February 01, 2015

لا مكان لي هنا




اعرف جيدا ذلك الاحساس ، عندما تطردك البيوت وتتخلى عنك المدينة وتلفظك تماما ، اعرف ذلك البرد في شوارعها، ذلك الهاتف الذي يظل يتردد في عقلك ، لا مكان لي هنا ، هو نفس احساسك عندما غادرتي باريس إلى هنا ، نفس احساس صديقنا عندما رحل إلى بيرو ، وصديقتنا عندما تركت مدينتها وذهبت وراء احلامها في نيويورك ، هو نفسي احساسي وانا اغادر القاهرة ...

فقط دموعنا المحبوسة هي ما قد يوجعني يا صديقتي ، ومع ذلك سنصبر انفسنا بالأيام القليلة الباقية ، رغم انني اعرف انها ستمر سريعا ، الا اننا يجب ان نجعل منها ذكريات فريدة ، تعينني على قساوة المدينة الجديدة وتجعل من فراقي اصعب .

احبك ... لابد انك تعرفين ذلك ، واحب موريال ايضا ، ولكنها لم تحبني كفاية لتجعلني ابقى ، تقسم لي صديقتي الفرنسية الجديدة انني اتحدث الفرنسية جيدا ، اصدقها ولكن اعرف انني لا اتحدثها كفاية لأكون سعيدة هنا ... أو لأتحقق هنا .

 لا شئ هنا كان كافيا لأبقى ، لا شئ كان يشبه احلامي ، لأبني بيتي هنا ، المدينة الحلوة ، ليست لي ، واهلها لا يشبهوني ، كانت رحلة لطيفة ، مرحلة سأحب كثيرا تذكرها في المستقبل ، خاصة عندما سأتوجع في مدينة أخرى ، واتجرع مراراتها ، اعرف جيدا قساوة المدن ، منذ رحلت من بيت أبي وانا في الخامسة من عمري ، اعرف معنى الهجرة .

منذ الخامسة تخيلي ، كانت اشيائي وقتها قليلة للغاية ، قليلة لدرجة انه تم جمعها في كيس بلاستيك تمزقت يده بعد عدة دقائق ، واجبرت مع ذلك على حمله للرحيل .

الان افكر في كل الاشياء التي لي هنا ، افكر كيف سآخذك في قلبي عندما ارحل ، كيف سأعودك على غيابي ، بالتأكيد كنت أظن انه اسهل كثيرا ، ولكن الفراق بدأ يوجعني بالفعل.

افكر في كل التفاصيل الأخرى ، الناس الأخرى ، الاماكن ، الاشياء، هل سأجعل من الشهور الباقية حفل وداع ممتد ؟!

ماذا سأفعل ؟! لا حقيبة تسع حياتي في الاربع سنين الأخيرة ، لما ياربي تكتب على جبيني ان اسكن كل هذه البيوت ، لما تجعل قدري التنقل هكذا ، ياربي لقد تعبت ، اجعل بيتي القادم هو بيتي الأخير ، انا لا ارغب في المزيد من الرحيل ،


* الصورة ل وليد منتصر ..